إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
205177 مشاهدة print word pdf
line-top
إثبات العلو والفوقية لله واستوائه على العرش رغم قربه من خلقه

...............................................................................


وقد اعترف الخلق بأن ربهم سبحانه وتعالى عليّ على عباده وأنه فوق عباده كما أخبر بقوله: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ يعترف أهل السنة بصفة الفوقية بكل أنواع الفوقية. أي أنه فوقهم بذاته كما يشاء وفوقهم بالقهر وفوقهم بالقدر وبالغلبة، وأنه فوق عرشه كما يشاء، ثم يعترفون بأن هذه الفوقية لا تنافي قرب الرب تعالى من عباده وسماعه لكلامهم.
وقد تقدم أنه لما نزل قول الله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ كان سببها أنهم سألوا ربهم فقالوا: يا رسول الله: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأخبر بأنه قريب. وما ذكر في القرآن من قرب الله تعالى ومعيته مع عباده لا ينافي ما ذكر من علوه سبحانه، وفوقيته فوق عباده، فإنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وقد أخبر تعالى بأنه سَمِيعٌ قَرِيبٌ .
وأخبر بأنه مع عباده بقوله: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وبقوله: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا وأخبر تعالى بأنه يعلم ضمائرهم ويعلم أحوالهم، ويطلع على ما يكنونه، ولا تخفى عليه منهم خافية، وقال تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فما ذكر من علوه وفوقيته لا ينافي ما ذكر من قربه ومعيته. وهو تعالى قريب في علوه، عليّ في دنوه كما يشاء، وأنه تعالى عظيم كما سمى نفسه بقوله: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ وأن مخلوقاته مهما كبرت فإنها صغيرة بالنسبة إلى عظمته.

line-bottom